وجوب الجهاد.. هل الجهاد في فلسطين فرض عين

أحكام فقهية- مستجاب

لا يخفى على أحد ما يحدث لأهل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي منذ يوم 7 أكتوبر 2023، وما قبله، وهو ما جعل الكثيرون يسألون عن وجوب الجهاد ويطرحون سؤالا: هل الجهاد في فلسطين فرض عين؟

هذا السؤال جعل هناك تباينا في الفتاوى بين العديد من الجهات الإسلامية، وسوف نوضح الفتاوى بالتفصيل في السطور التالية


فتوى الجهاد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين


أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن التصدي للعدوان الإسرائيلي المستمر على أهل غزة بالسلاح والمعدات الحربية واجب على كل مسلم مستطيع في العالم الإسلامي.

وأكد الاتحاد، في فتوى أصدرها الجمعة، على أنه يتوجب (فرض عين) اليوم على المسلمين شعوباً وحكومات التدخل العسكري في غزة لصد العدوان عن أهلها وإمداد المقاومة بالمعدات الحربية والخبرات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية.


فتوى الجهاد لجامعة الزيتونة بتونس


أكدت جامعة الزيتونة في تونس أن تأييد الجهاد في فلسطين ونصرته هو فرض عين على جميع أفراد المسلمين في العالم.

وأكدت أن “تأييد الجهاد في فلسطين ونصرته فرض عين على جميع أفراد المسلمين، كل حسب سعته وطاقته، وأضعف الإيمان التوجه بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى طلبا للنصرة. فعلى الأمة أن تثوب إلى رشدها وتتوب إلى ربها وتتمسك بشرع نبيها ثم تستجديه النصرة من الله وحده والمدد من عنده وحده سبحانه وتعالى: وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم”.

اقرأ أيضا: آيات عن الجهاد في كل سور القرآن الكريم  


فتوى الجهاد لدار الإفتاء المصرية


رفضت دار الإفتاء المصرية هذه الفتاوى السابقة وجاء التفصيل على النحو التالي:

أصدر مفتي مصر نظير عياد، بيانا بالرفض مشفوعا بـ 7 بنود نشره عبر حسابه الرسمي بمنصة إكس، أفاد خلاله بأن "دار الإفتاء المصرية اطلعت على ما صدر مؤخرًا من دعوات تدعو إلى وجوب الجهاد المسلح على كل مسلم ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتطالب الدول الإسلامية بتدخل عسكري فوري وفرض حصار مضاد".

وأكدت دار الإفتاء المصرية في البند الأول أن "الجهاد مفهوم شرعي دقيق، له شروط وأركان ومقاصد واضحة ومحددة شرعا، وليس من حق جهة أو جماعة بعينها أن تتصدر للإفتاء في هذه الأمور الدقيقة والحساسة بما يخالف قواعد الشريعة ومقاصدها العليا، ويعرِّض أمن المجتمعات واستقرار الدول الإسلامية للخطر".

وشددت في البند الثاني على أن "دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة - واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، لكن بشرط أن يكون الدعم في إطار ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس لخدمة أجندات معينة أو مغامرات غير محسوبة العواقب، تجرُّ مزيدا من الخراب والتهجير والكوارث على الفلسطينيين أنفسهم".

وأوضحت في البند الثالث أنه "من قواعد الشريعة الإسلامية الغرَّاء أن إعلان الجهاد واتخاذ قرار الحرب والقتال لا يكون إلا تحت راية، ويتحقق هذا في عصرنا من خلال الدولة الشرعية والقيادة السياسية، وليس عبر بيانات صادرة عن كيانات أو اتحادات لا تمتلك أي سلطة شرعية، ولا تمثل المسلمين شرعًا ولا واقعًا، وأي تحريض للأفراد على مخالفة دولهم والخروج على قرارات ولي الأمر يُعدُّ دعوة إلى الفوضى والاضطراب والإفساد في الأرض، وهو ما نهى عنه الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم".

وترى دار الإفتاء في البند الرابع أن "الدعوة إلى الجهاد دون مراعاة لقدرات الأمة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي - هي دعوة غير مسؤولة وتخالف المبادئ الشرعية التي تأمر بالأخذ بالأسباب ومراعاة المآلات، فالشريعة الإسلامية تحث على تقدير المصالح والمفاسد، وتحذر من القرارات المتسرعة التي لا تراعي المصلحة العامة، بل قد تؤدي إلى مضاعفة الضرر على الأمة والمجتمع".

وفي البندين الخامس والسادس، أكدت الدار أنه "من قواعد الشرع أن من يدعو إلى الجهاد يجب عليه أولًا أن يتقدم الصفوف بنفسه، كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات بدلا من استثارة العواطف والمشاعر، تاركين غيرهم يواجهون العواقب".

ولفتت إلى أنه "من الحكمة والمقاصد الشرعية أن تتجه جهود الأمة الإسلامية نحو العمل الجاد من أجل إيقاف التصعيد ومنع التهجير، بدلا من الدفع نحو مغامرات غير محسوبة تُعمِّق الأزمة وتزيد من مأساة الفلسطينيين".


متى يكون الجهاد فرض عين


بحسب الدكتور يوسف القرضاوي -رحمه الله- لا يمنع كون الجهاد فرض كفاية، بحسب الأصل، من تحوله إلى فرض عين في أحوال بعينها، جمعها الدكتور القرضاوي في أربعة هي:

عند هجوم الأعداء على بلد مسلم، فيجب على جميع أهل البلد أن يهبوا لمقاومة الغزو، بحسب الإمكان، ولا يجوز لقادرٍ أن يتخلف عن المشاركة في المقاومة. وفي هذا النوع من الجهاد قال الفقهاء: إن المرأة تخرج فيه، ولو بغير إذن زوجها، والابن ولو بغير إذن أمه وأبيه، والخادم ولو بغير إذن مخدومه، وكذلك الغلمان الذين لم يبلغوا – إذا أطاقوا القتال – فلا بأس بأن يخرجوا ويقاتلوا في النفير العام، وإن كره ذلك الآباء والأمهات. ثم إن العدوان إذا كان فوق طاقة أهل البلد المعتدى عليه، ففرض على جيرانه الأدنين، ثم الأقرب فالأقرب أن ينفروا معهم لصد العدو وطرده من بلاد المسلمين.

والحالة الثانية، التي يصير الجهاد فيها فرض عين، هي أن يستنفر الإمام فردًا أو فئة معينة، فيتعين عليهم الجهاد، ولا يحل لهم التخلف إلا بعذر مانع منه. وأساس ذلك الأمر العام بالطاعة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]. ولا تشترط العدالة – بمعناها الشرعي – في القائمين بالدعوة إلى الجهاد، بل يجب الخروج ولو لم يكن الحكام عدولاً لأن المقصود هنا هو حفظ الإسلام نفسه.

الحالة الثالثة التي يكون الجهاد فيها فرض عين، هي أن يكون جيش المسلمين في حاجة إلى شخص بعينه، لكونه ذا خبرة خاصة يحتاجها الجيش الإسلامي، وليس لدى الجيش العدد الكافي من أصحاب هذه الخبرة. فعندئذ يجب على صاحب هذه الخبرة أن يقدم نفسه – ولو لم يطلب منه ذلك – إلى قيادة هذا الجيش ليضع قدرته وخبرته تحت تصرفها، ويضع نفسه تحت إمرتها. وأصل هذا الوجوب العيني هو الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على وجوب التعاون على البر والتقوى، وعلى وجوب نصرة المسلمين بعضهم بعضًا.

والحالة الرابعة، التي يصبح الجهاد فيها فرض عين، هي أن يكون المرء حاضرًا المعركة، مقاتلاً مع الجيش فعلاً. فهذا لا يجوز له – إذا التقى الجمعان – أن يترك ميدان القتال ويرجع، ولو كان الجهاد الذي خرج فيه فرض كفاية في الأصل. وكون الثبات في المعركة، أي الاستمرار في الجهاد، في هذه الحالة يصير فرض عين أساسه أن ترك الميدان يفت في عضد الجيش، ويضعف صفوف المقاتلين المسلمين، ويدخل الوَهْن عليهم، ويجرِّئ عدوهم عليهم.










  • الزيارات : 166
  • المشاهدات : 149
  • Amp : 19
i
  • التعليقات
  • الفيس بوك
  • Disqus
    جاري تحميل التعليقات انتظر من فضلك ..

    مواقع التواصل الاجتماعي

    X