حكم العمرة عن الميت.. هل تجوز للقريب وغير القريب؟

يكثر السؤال حول حكم العمرة عن الميت، فالغالب أن زائر مكة لأداء فريضة الحج أو سنة العمرة يكون عنده من الوقت ما يكفيه ليؤدي أكثر من عمرة واحدة، فيفضل كثيرون أن يهبوا ثواب ما بعد العمرة الأولى للمتوفين من الأهل والأقارب والأصدقاء وذويهم.

والعمرة التي تسمى الحج الأصغر من الأعمال العظيمة التي ورد في فضلها نصوص، ومنها ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".

وفي هذا الحديث النبوي الشريف دلالة على تكفير الذنوب، والميت هو أحوج من يكون إلى هذا بعد أن انقطع عمله وصلته بالدنيا.

ويجيب موقع مستجاب على سؤال هل يجوز الاعتمار عن الميت أم لا؟ وهل الحكم يشمل الوالدين والأقارب فقط أم يمتد إلى غيرهم؟ مع بيان بعض المسائل الفقهية المتعلقة بالأدلة من آراء أهل العلم الثقات.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم يبعثون، وبعد..

حكم أداء العمرة عن الميت يقتضي بيانه أن نشير أولا أن الشخص المتوفى إذا لم يكن حج أو اعتمر يشرع أن يحج عنه من أراد أن يتطوع بالحج عنه، أو يتؤخذ من ماله إذا كان قادرا ولم يحج.

ودليل هذا ما أخرجه أبو داود وابن ماجة والبيهقي من حديث عبدالله بن عباس، أن النبي سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: "من شبرمة؟"، فذكر أخا له أو قريب، فقال: "أحججت قط؟"، قال: لا، قال: "فاجعل هذه عنك، ثم حج عن شبرمة".

ويوضح العلماء أن الحج إذا كان قد وجب على الإنسان ولم يفعله فهو دين، والله أحق أن يقضى دينه، وذاك أن النذر ومثله الواجب بأصل الشرع يبقى في ذمة الميت، إذ لم يأت به، فيوفيه عنه وليه، كما جاء ذلك في أحاديث النذر والدين، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: "أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيته؟" قالت: نعم، قال: "فاقضوا الله، فالله أحق بالقضاء".

أما إذا كان هذا تنفلا بأداء العمرة عن الميت وعلى وجه التقرب وإهداء الثواب، فهذا في رأي عامة العلماء جائز، وقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث عديدة عن إهداء الأعمال والعمل للميت بصوم أو حج أو صدقة فأذن في ذلك، فدل ذلك على القاعدة الفقهية التي تقول إن كل عمل صالح يفعله المسلم من النوافل يهديه للميت فهو يصل إليه.

والعلماء على أن الأفضل والأكمل اتباع هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما يصل ثوبه للميت، كما جاء في حديث "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

ذات صلة: دعاء نية العمرة لنفسك أو للغير أو للميت وصفتها وكيفية عقد النية

في إجابة للشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، على سؤال عن إن كان يلزم المعتمر عن المتوفى إحرام جديد بعد أن يفرغ من أداء العمرة لنفسه، قال إن المسلم إذا انتهى من العمرة له أو لغيره فإنه يذهب إلى الحل خارج الحرم، أي إلى الأميال التي تكون من وراءها مثل الجعرانة أو عرفة أو التنعيم، فيحرم ثم يأتي ويؤدي العمرة الثانية.

قد يهمك: هل يجوز لبس الشراب في العمرة للنساء والرجال؟ تفصيل الحالات المتعددة

الأظهر من كلام العلماء أن العمرة عن الغير تجوز عن القريب وغير القريب، فأهل العلم ممن يقولون بوصول ثواب الأعمال الصالحة للميت ومنها العمرة لا يحددونها من ولد أو من غيره، فهل تصل لأي مسلم متوفى إن شاء الله تعالى.

ومن التوجيهات الهامة للعلماء لمن أراد الحج أو العمرة عن الميت أن يعقد نية العمرة للميت حين الإحرام، فكما يحرم لنفسه في أول مرة يحرم في الثانية عن الميت المحدد.

بينا أنه يجوز الاعتمار عن الغير كالحج، وإن كانت فريضة الحج مرة واحدة في العمر لمن استطاع إليه سبيلا فالعمرة مشروعة بلا تقيد بأعداد.

وحديث "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما" دليل على أنه يجوز أداء العمرة أكثر من مرة، ويرجى بها أن تكفر عنه خطاياه إن شاء الله تعالى.

الشيخ عبدالعزيز بن باز يقول إنه يجوز الاعتمار عن الغير كالحج سواء إذا كن ميتا، وعن الحي العاجز عن أدائها بنفسه، والشرط المقيد هنا أن يكون الشخص لا يستطيع أداء العمرة بنفسه لكبر أو مرض لا يرجى الشفاء منه.

واستدل بالحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسند المدنيين أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟ قال: "حج عن أبيك واعتمر".