حكم الرشوة في الإسلام.. هل تجوز للضرورة لدفع ضرر أو الحصول على حق؟

حكم الرشوة في الإسلام معلوم لدى معظم المسلمين، فمن منا لم يستمع لحديث النبي عليه الصلاة والسلام عن عقوبة الراشي والمرتشي، وكيف حذر من هذا الفعل بشدة؛ لأن فيه إضرار بمصالح المجتمع الإسلامي، وأنه يوقع الظلم على أناس لصالح غيرهم، إذ يسهل حصول واحد على مصلحة ويمنعها عن آخر دون وجه حق.

والجمع بين تعريف الفقهاء للرشوة بكسر الراء على أنها إعطاء المال إلى شخص من أجل إبطال حق أو إحقاق باطل، ومنح الحاكم أو غيره مالا أو عينا ليحكم له، أو يحمله على ما يريد.

والرشوة في العموم ليست محرمة دينيا فحسب، بل هي جريمة يحاسب عليها القانون، حتى في المجتمعات المدنية غير المسلمة، حيث في دفع الرشوة فساد عارم يخل بمبادئ المساواة بين أعضاء المجتمع الواحد، ولكل بلد قانون يجرم رشوة الموظف العام المرتشي، فيخضع للمسائلة القانونية والراشي على السواء، ويكون السجن مصيرهما من العقوبات في النظام القانوني.

ولكن قد يحصل أن يتضرر المسلم من أمر وهو صاحب الحق فيه، أو يمنع عن أخذ حقه الذي هو له، فهل يعتبر هذا من الرشوة المحرمة التي لا يجوز التعامل بها؟

ويبين موقع مستجاب الحكم الشرعي في الرشوة في الإسلام عموما، مع الدليل عليه، وحكم من قدم رشوة مضطرا لأخذ حق أو دفع ضرر، والرشوة في المصالح الحكومية لتسهيل الإجراءات، أو عند إرادة حصول الشخص على وظيفة.

حكم الرشوة في الإسلام

الجواب الذي لا يختلف عليه أهل العلم في حكم الرشوة أنها حرام بالاتفاق، ونأخذ الدليل عليه مما رواه أبو داود وصححه الترمذي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي".

وفي رواية زاد "والرائش"، وهو ما يعرف في زماننا باسم الوسيط، أي الذي يسهل أخذ الرشوة ويصل الراشي بالمرتشي.

كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم "سماعون للكذب أكّالون للسحت" سورة المائدة الآية 41، وقال الحسن وسعيد بن جبير: السحت هو الرِشوة.

وفي سورة البقرة الآية 188 يقول الحق سبحانه وتعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون".

وذهب العلماء إلى أن الرشوة من كبائر الذنوب، وذلك لأنها تدخل في دائرة اللعن؛ ولعن عبد على معصية في الشرع يدل على أنها كبيرة، وهذا في أصل الرشوة التي تكون لأخذ ما هو ليس للشخص بحق فقط.

قد يهمك: حكم فوائد البنوك للشيخ الشعراوي (فيديو)

حكم الرشوة للمضطر

بيّنا أن الرشوة محرمة في الشريعة الإسلامية عندما يدفع أحد ما إلى موظف أو للحاكم أو المسؤول عن أعمال بعينها من أجل أن يأخذ حق ليس له، والوسيط بينهما في حكمهما، ولكن هل تجوز الرشوة في مواضع معينة؟

الجواب على هذا السؤال: نعم، وهذا ينقلنا إلى سؤال آخر وهو متى تكون الرشوة جائزة؟

الإنسان إذا كان له حق ثابت لا إشكال فيه، وليس حقا محتملا، ولا يستطيع أن يستخلصه إلا بطريق يكون فيه بذل مال لمن يجب عليه بذل الحق، حكم الرشوة للضرورة هنا عند جمهور العلماء الجواز لاستنقاذ حق لصاحبه، والإثم على الآخذ لا على المعطي.

وأما إذا كان للإنسان أن يأخذ حقه بطرق أخرى غير دفع الرشوة فلا يصح أن يسير في هذا الطريق، فعليه أن يسلك الطرق المشروعة أولا، كأن يرفع أمره إلى الحاكم أو ولي الأمر، ويستعين بالله ويدعوه، فإذا لم يتيسر له يجوز دفع الرشوة.

والرأي الثاني أن حكم الرشوة عند الضرورة حرام سواء بسواء مع غير المضطر؛ لعموم قول الرسول عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام، وهو ما أخذ به الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.

حكم الرشوة للحصول على وظيفة

قلنا إن آراء العلماء تختلف، والأكثر بينهم على أنه جائز في حالة الضرورة فقط إن كان للإنسان حق بين واضح، وما عدا ذلك سحت.

وحصول الإنسان على عمل تتم المفاضلة بينه وبين غيره فيه ليس فيه قول فصل، والتفضيل متروك فيه لصاحب العمل، وله حرية الاختيار، فهذا حكمه أنه سحت.

وعلى المسلم في هذه الحالة حتى لو رأى أنه مناسب لشغل تلك الوظيفة أكثر من غيره أن يعتبره رزق ويفوض أمره لله تعالى، وسيعوضه خيرا منه بإذنه.

حكم الرشوة في المصالح الحكومية

يعد طلب الرشاوى في المصالح العامة أكثر الصور المنتشرة من هذا الفعل المحرم، وتتباين نسبته من بلد لآخر بحسب الحزم في تطبيق القوانين التي تجرمه.

والأصل أنه يحرم طلب رشوة لكي يتوصل بها المواطن إلى مصلحة هي من حقه، وعلى الشخص الإبلاغ عمن يفعل هذا، ولكن إن اعتبر الأمر من الحقوق المغصوبة التي لن تؤخذ إلا بتلك الطريقة فلا حرج.

ولكن حكم دفع الرشوة إن كنت تريد بها أن تتجاوز مدة زمنية تسري عليك وعلى غيرك، وقد يقع بها ظلم على آخر تتقدم عليه بدفع تلك الأموال حرام بلا خلاف.

حكم الرشوة لدفع ضرر

الغالب أن تكون الرشوة بغرض الحصول على منفعة، ولكن يحصل أن يكون الشخص مضطر للدفع وإلا سيتعرض للظلم أو يأخذ أحد ما حقه ويظلمه.

وفي هذا الحالة حكمها الجواز للظفر بالحق، متى طرق الأبواب المشروعة ولم يحصل على حقه، وهذا على راي الجمهور والله أعلم.




  • الزيارات : 1697
  • المشاهدات : 1755
  • Amp : 0

i
  • التعليقات
  • الفيس بوك
  • Disqus
    جاري تحميل التعليقات انتظر من فضلك ..

    مواقع التواصل الاجتماعي

    X